الكرازة والإنجيل

الكرازة في مكان العمل

مقالة
05.25.2022

مع تنامي الثقافة المقاومة للإيمان المسيحي، كيف يؤثر ذلك على إمكانية أن تكرز بالإنجيل في مكان عملك؟ هل أصبحت أكثر إيمانًا أم أكثر خوفًا؟

قد يصعُب لومك إذا كنت أكثر خوفًا، فمع التقدم السريع نحو تحرر المجتمع، وتعزيز سياسة الموارد البشرية لـلـ”تسامح”، تتزايد المخاوف من الكرازة بالإنجيل، ومن بين الأسباب التي لا تجعلنا نكرز بالإنجيل: الخوف من أذى المجتمع، أو الخوف من فقدان الوظيفة أو التوقف عن العمل.

الكرازة دائمًا ما تواجه صعوبات، إذا كان هناك أي شيء جديد بشأن التحديات التي نواجهها اليوم، فهو  حول مدى الجرأة في معارضة (كل ما يخالف الإنجيل)، لقد اعتاد غير المؤمنين أن يقولوا “كل إنسان حر فيما يخصُّه”، أما الآن أصبحوا يتهمونا بالغباء، على سبيل المثال يقولون: “هل حقًا لا تؤمن بالتطور؟”، أو يتهمونا بالتعصب البغيض “كيف تجرؤ على القول بأن المثلية الجنسية خطية؟”،  يقوم أصحاب العمل بشكل متزايد، بإجراء فحوصات صارمة لخلفية كل موظف على وسائل التواصل الاجتماعي قبل اتخاذ قرارات التوظيف والترقية، فتُرى كم من الوقت تمضيه هذه الشركات التي تخشى المضايقات والتمييز في مكان العمل، في فحص الموظف المسيحي الأكثر وضوحًا الذي سيقلل حدوث مثل هذه التصرفات؟

وعلى الرغم من كل هذا، فأنا ممتنّْ بشدة لكل الإخوة الذين يخافون الله من دون الإنسان، لأن إيماني هو ثمرة الكرازة في مكان العمل من أحدهم.

كنت ضالًا فوجِدتُ في مكان العمل!

منذ حوالي اثنا عشرة عامًا، كنت أعمل باحثًا في شركة استشارات متوسطة بولاية واشنطن، كنت موظفًا هندوسيًّا واثقًا من نفسه، عندي إكتفاءً ذاتيًّا وناجحًا مهنيًا، ربما كان يعصب عليك وصفي بعدم اليقين الروحي، لكنني صراحة، كنت لا أعلم بأنني لا أملك اليقين الروحي، الحالة التي كنت عليها هي، أنني لست أسعى بجدية لمعرفة المسيح.

زميلي المسيحي في العمل “هانتر”، كان معروفًا جدًا للجميع ومحبوبًا من جميع الزملاء في المكتب، هو موظف مبيعات ناجح جدًا وله بعض الاهتمامات أيضًا، أخبرني أحد الزملاء عند دخوله “أتعرف أنه مسيحي!” لم يكن زميلي هذا ولا أنا نعرف ماذا يعني ذلك، لكن كنا نعتقد بأن ذلك لا بُد وله تأثير ما!

ما أعرفه أن “هانتر” لم يكن مثل تلك الصورة التي كونتها في عقلي عن المؤمنين المسيحيين، فهم دائمًا يبدون لطفاء، لا يسايرون الموضة، منافقون، لهم لغة واحدة، لم يكن “هانتر” يشبههم، وهذا ما أثار فضولي لمراقبته.

أصبحنا أصدقاء، قضينا وقتًا معًا وتبادلنا الحديث في العديد من الموضوعات مثل: مسلسل عائلة سمبسون، فيلم سيد الخواتم، المسيح، كريشنا، القهوة، العمل.. إلخ،  بينما استخدم الرب “هانتر” لمتابعتي، لم أشعر أبدًا بأنني مجرد مشروع، بل شعرت أنني فقط مجرد صديق، تمامًا كما يفعل الله معنا، كان ترتيبًا إلهيًا أن يكون “هانتر” موجودًا في نفس الوقت الذي رتب فيه الله أن تحدث أزمة روحية في حياتي، وأعطى “هانتر” الحكمة والجرأة ليخبرني بالحق عندما كنت في أشد الحاجة لسماع ذلك.

سلوكيات الكارز في مكان العمل

بينما كان صديقي “هانتر” حديث الإيمان آنذاك، لكنه مثال يمكن لأي مؤمن أن يحتذى به عند الكرازة في مكان العمل

  • اعلن إيمانك بالمسيح

أول كل شيء، اعلن إيمانك بالمسيح، لأنه من النادر أن يكون لك زملاء مؤمنين في مكان العمل، لذا من الضروري أن يعرف كل زملائك أنك تؤمن بالمسيح، بهذه الطريقة ستكون موجودًا لمساعدة المؤمنين الضعفاء وفي نفس الوقت ستكون مثالًا جيدًا لغير المؤمنين، زميلي الذي أخبرني عن إيمان زميلي المؤمن “هانتر” كان غيرَ مؤمن، بكل تأكيد، لا يجب أن نفعل هذا بطريقة فجَّة أو غير مسؤولة، ولكن على سبيل المثال: من خلال الحديث عن عطلة نهاية الإسبوع، أو وصف دراسة الكتاب المقدس التي تُشارك بها، أو مشاركة كيف تصلي من أجل الآخرين، كل هذا يجعل زملائك يعرفون عن إيمانك سريعًا.

  • أدي عملك باحترافية

ثانيًا، أدي عملك باحترافية، طالما أظهرت إيمانك بالمسيح، توقع أن يراقب زملائك سلوكك كما فعلت أنا مع زميلي المؤمن، أدائك لعملك بطريقة تعكس إبداع وهدف وصلاح الله، يظهر أمانتك ونزاهتك “اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ” (فيلبي 2: 14)، اخضع للمسؤولين في عملك وأدي عملك بتواضع.

قد لا يكون هذا في حد ذاته كرازة، لكن الطريقة التي نسلك بها في العمل يجب أن تزيد من قيمة مضمون رسالة الإنجيل التي نكرز بها ولا تقلل منها.

  • قدِّم المحبة لزملائك في العمل

ثالثًا، قدِّم المحبة لزملائك في العمل، استثمر في صداقتك بزملائك غير المؤمنين في مكان العمل، ليس بشكل روتيني كـ “مشروع”، ولكن بمحبة على صورة محبة الله، ولا تقلل من أهمية الثقة، ضع في اعتبارك أنني بعد عام ونصف من لقائي بــ “هانتر” بدأنا دراسة الكتاب المقدس معًا، وأعطاني الله آذانًا صاغية للإنجيل.

بقدر استطاعتك، استخدم استراحة الغداء بشكل استراتيجي، استفد من كرم الضيافة، حيث يمكنك مشاركة بعض الأنشطة مع زملائك خارج المكتب، وأيضًا الدردشة المعتادة والمزاح في المكتب.

  • عدّْ نفسك للتبشير

رابعًا، استعد للتبشير، بقدر ما قد يبدو هذا سخيفًا، لابد أن تتأكد من أنك تعرف كيف تشرح الإنجيل بسهولة، تدرب إذا كنت بحاجة إلى ذلك.

عندما يمنحك الرب فرصةً للكرازة، لن تكون بحاجة لأن تُصغي لصوتك الداخلي لتكون غيرَ واضح، بل اصغ بذهن صافي لما يصارع زميلك لفهمه، في النهاية، الإنجيل هو الذي يخلِّص وليس ذكائنا وفهمنا للدفاعيات، أشكر الله من أجل زميلي “هانتر”، لأجل وضوحه وجرأته وثقته في قوة الإنجيل.

  • صلِّ

خامسًا، صلِّ لأجل زملائك بانتظام، صلِّ لأجل فرصة مناسبة حتى تشاركهم برسالة الإنجيل، صلِّ لأجل أن تزداد في الجرأة، صلِّ لأجل أن يزيد الله وينقص الإنسان، فنحن جميعًا نخطيء في ذلك. اطلب من الإخوة والأخوات في كنيستك أن يصلوا لأجل ذلك أيضًا، لقد أخبرني زميلي المؤمن لاحقًا، أن الإخوة الذين معه في مجموعة درس الكتاب، كانوا يصلُّون لأجلي منذ اللحظة التي بدأت فيها أن أسأل عن الإيمان المسيحي.

نداء الأمانة

مع تزايد العداء للمسيحية في أماكن العمل، ستكون لمثل هذه الممارسات الأساسية أهمية أكبر، لقد كان الرب طيبًا في الاستجابة لصلواتي العديدة من أجل فرص مناسبة وكلمة مناسبة عند الحديث، كوني معروفًا كمسيحي، وأعيش إيماني على المستوى المهني والشخصي، وأحب زملائي أكثر بصفتهم حاملين لصورة الله،  منحني فرصًا للتحدُّث بصراحة عن إيماني، وبفضل نعمته الرائعة، اختار الله أن يستخدمني لآتي بزميل لي إلى الإيمان.

يجب أن نتوقع من الرب أن يستجيب لصلواتنا ويمنحنا فرصًا للتحدث عن المسيح، لذا صلِّ من أجل الجرأة، وكن على استعداد لإنفاق المال الخاص من أجل ذلك، لقد وضعك الله في مكانك لغرض ما.


هذه المقالة مُترجمة بالشراكة مع خدمة ذهن جديد. قم بزيارة موقعهم الإلكتروني للمزيد من المصادر المُتمركزة حول الإنجيل.

المزيد المتعلق بـ : مقالات