الوعظ واللاهوت

الدعم الكتابي للوعظ التفسيري

مقالة
05.23.2022

ما هو الوعظ التفسيري؟ تكون العِظة تفسيريّة عندما يسيطر محتوى وقصد مقطعٍ كتابي مُعيّن على محتواها وقصدها. فيقول الواعظ ما يقوله المقطع، ويقصد لعظتِه أن تُحقِّق في سامعيه ما يسعى الله لتحقيقه بالضبط من خلال ذلك المقطع المُحدَّد من كلمته.

أيُّها الواعظ، تخيّل أن الله جالسٌ وسط الجماعة يستمع إلى عِظتك. ما التعبيرات التي ستظهر على وجهه؟ هل سيقول: “لم أقصد أن أقول هذا الكلام على الإطلاق من هذا المقطع.” أم سيقول: “نعم، إن هذا ما كنت أقصده بالضبط.”

إن النقطة التي ينطلق منها الدعم الكتابي للوعظ التفسيري هي الربط بين عطية المسيح ــالذي صعد إلى السماءــ التي أعطاها للكنيسة مُمثَّلة في الرعاة والمُعلّمين (أف 4: 11) والوصية الكتابية للرعاة والمُعلّمين أن “يعظوا بالكلمة” (2تيمو 4: 2). إن هؤلاء الذين يعظون يجب أن يعظوا من الكتاب المقدس.

قد يكون أفضل مكان للبدء في إظهار شرعية مطابقة الوعظ بالوعظ بالكلمة هو سفر الأعمال. في سفر الأعمال نجد تعبير “كلمة الله” كتعبير اعتيادي موجَز لجوهر الوعظ الرسولي. في أعمال 6: 2، على سبيل المثال، يقول الرسل: “لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ” (انظر أيضًا أع 12: 24؛ 13: 5، 46؛ 17: 13؛ 18: 11). كما أن هذا التعبير يظهر كثيرًا كـ”كلمة الرب” (8: 25؛ 13: 44؛ 15: 35-36؛ إلخ.) وفي الكثير من الأحيان يتم اختصاره إلى “الكلمة” (قارن 4: 29؛ 8: 4؛ 11: 19). ففي سفر الأعمال، يوجد تطابق واضح ومستمر بين وعظ الرسل وتعبير “كلمة الله”.

وبينما كان جوهر الوعظ الرسولي هو الأخبار السارة عن المُصالحة مع الله من خلال يسوع المسيح، إلاّ أن هذه الرسالة تم توصيلها وشرحها بشكلٍ دائم تقريبًا عن طريق شرح لنصوص العهد القديم. إذًا فالوعظ في زمان العهد الجديد يشتمل على الوعظ “بكلمة الله”، وكان شرح العهد القديم عنصرًا أساسيًا لمثل هذا الوعظ. مما يقودنا إلى نتيجة أن أسفار العهد القديم يجب أن تُدرَج في مفهومنا “للكلمة” التي يجب أن نعظ بها، وهي النتيجة التي يتم التأكيد عليها بشكلٍ مباشر (كما في 2تيموثاوس 3: 16؛ رومية 3: 2) وغير مباشر (كما في رومية 15: 4) في العهد الجديد.

لذلك، فهذه “الكلمة” هي الكلمة التي عن يسوع، كما كان مُنتظَرًا في العهد القديم وكما تم شرحها الآن في الوعظ الرسولي. هذه هي الكلمة التي “تكلّم بها الرسل” (أع 4: 29)، “وأُعلنوها” (13: 5)، لكي “نستقبلها” (17: 11) كـ “كلمة الله”. ويظلّ نفس هذا التطابق قائمًا في رسائل بولس. بدون تردد، إنه يدعو الرسالة التي يعلنها “كلمة الله” (2كو2: 17، 4: 2؛ 1تس2: 13) أو ببساطة “الكلمة” (غل6:6).

حتى في سياق وصية بولس لتيموثاوس أن “يعظ بالكلمة” يوجد تأكيد لهذا التطابق بين الوعظ والوعظ بكلمة الله. وكان تيموثاوس ليعرف فورًا ما يقصده بولس “بالكلمة”. وكما تشير سيرة تيموثاوس الذاتية، فهي بكل تأكيد تشتمل على كل من “الكتابات المقدسة” والرسالة الرسولية -“وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ.” (2تيمو 3: 10- 17).

النتيجة التي نستخلصها من كل هذا هي أن “الكلمة” التي يجب علينا أن نعظ بها هي الحق الذي يتكوَّن من نصوص العهد القديم والوعظ الرسولي بشأن بالمسيح – أي العهد الجديد. وبالتالي، فإن مُطابقة “الكلمة” بكُتُبنا المقدسة هو أمرٌ صحيح. إن هذا هو ما يجب أن يعظ به “الرعاة والمُعلِّمون” المُكلّفون بهذه المُهمّة. فمُهمّتنا هي إعلان “الكلمة” التي تكلّم بها الله، والمحفوظة في الكتاب المقدس، والموكَّلة لنا. فالحياة الروحية لشعب الله تعتمد على هذه الكلمة (تث8: 3). ولهذا السبب، يتم توصية الراعي الشاب: “اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ.” (1تيمو 4: 13). إن كان لهذه الوصية أي سلطة علينا اليوم، وهي لها بكل تأكيد، فإن مصدر وعظنا يجب أن يكون متطابقًا تمامًا مع كُتُبنا المقدسة.

كيف سيبدو هذا إذًا؟ في تحضيرنا للعِظة، سنأخذ مقاطع مُحدّدة من كلمة الله وندرسها بدقة حتى نكون:  “مُفَصِّلين كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ”. وعلى المنبر، فإنّ هذا سيشبه تلك الصورة التي نراها في نحميا 8:8: “وَقَرَأُوا فِي السِّفْرِ، فِي شَرِيعَةِ اللهِ، بِبَيَانٍ، وَفَسَّرُوا الْمَعْنَى، وَأَفْهَمُوهُمُ الْقِرَاءَةَ.” فالله قد قَصَدَ ووَعَدَ أن يستخدم هذا النوع من الوعظ ليحقّق أحد أهدافه العُظمى – ألا وهو جمْع شعبه وبناؤهم.


هذه المقالة مُترجمة بالشراكة مع خدمة الصورة. قم بزيارة موقعهم الإلكتروني للمزيد من المصادر المُتمركزة حول الإنجيل.

المزيد المتعلق بـ : مقالات