العيش معًا

التلمذة هي المسيحيَّة الطبيعيَّة

مقالة
05.25.2022

ما هي وظيفتك كمؤمن؟ إن أعطاك الله وصفًا وظيفيًّا للحياة المسيحية، ما الذي كان سيكتبه؟

عملية التلمذة هي جوهر العمل المسيحي. نقرأ ذلك بوضوح فى كلمات الرب قبل الصعود:

“فتقَدَّمَ يَسوعُ وكلَّمَهُمْ قائلًا: «دُفِعَ إلَيَّ كُلُّ سُلطانٍ في السماءِ وعلَى الأرضِ، فاذهَبوا وتَلمِذوا جميعَ الأُمَمِ وعَمِّدوهُم باسمِ الآبِ والِابنِ والرّوحِ القُدُسِ. وعَلِّموهُم أنْ يَحفَظوا جميعَ ما أوصَيتُكُمْ بهِ. وها أنا معكُمْ كُلَّ الأيّامِ إلَى انقِضاءِ الدَّهرِ»” (مت 28: 18-20).

ما معنى التلمذة؟ التلميذ هو مُتعلِّمٌ وتابعٌ للرب يسوع. عندما نُتلمِذ، نعمل من أجل رؤية من لا يتبعون يسوع يأتون إليه ويتبعونه (الاهتداء)، ثم نعلِّمهم اتِّباعه بإخلاص في كل جانب من جوانب حياتهم (النضوج).

يسمع العديد من المؤمنين ذلك، ويعتبرونه شيئًا مثاليًا. بكل تأكيد أود أن أُتلمذ أشخاصًا لكنني فى الواقع لا أستطيع. يشعرون كأن التلمذة تفوق قدراتهم. هل هذا صحيح؟ هل الرعاة والشيوخ “والناضجين” هم الوحيدون القادرون على عمل التلمذة؟ أم أنها للجميع؟

فيما يلي نقطتي الأساسية: التلمذة هي المسيحية الطبيعية والعادية، ومن الأمور الأساسيَّة لها شأنها في ذلك شأن تعلُّم العد ونطق الحروف الأبجدية في العالم الطبيعي. نادرًا ما تجد جانب من جوانب الحياة المسيحية لا تتطرق له التلمذة؛ فالمسيحية تركز على الإيمان في جماعة المؤمنين والتلمذة.

ربما تنتشر حولك عشرات الأمثلة المختلفة عندما تسمع عن التلمذة. يصرُّ البعضُ على قراءة كتابٍ ما أو التقابل لاحتساء القهوة أو تناول وجبة أو التعرف على بعضهم البعض أو ما إلى ذلك. ربما تساعد كل هذه الأمور في عمل التلمذة، لكنها ليست المتطلب الأساسي ولا المادة الضرورية للتلمذة. لم يعطِنا يسوع برنامجًا لنتبعه قط، بل قدم لنا مثاله وقيادته الواسعة والبعيدة المدى لعمل ذلك. ونتيجةً لذلك نتمتع بحرية كبيرة وحمل ثقيل في التلمذة.

كيف يبدو ذلك؟ عندما يوصينا يسوع بالتلمذة، فإنه يقصد أن نحيا في طاعته أمام الآخرين (سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين). يسعى أسلوب الحياة هذا إلى إظهار قيمة المسيح وقوته للآخرين. باختصار، ندع الناس ترى كيف نعيش الإيمان المسيحي.

دعونى أعطيكم بعضَ الأمثلة:

تحدُثُ التلمذة عندما يريد شخصٌ ما أن يتزوَّج، لكنه لا يملك خطَّةً لتحقيق هدفه أو الوصول له. فيسأل أخًا آخر ويطلب منه المشورة والمساعدة. يدعوه هذا الأخ على الغداء، ويتحدَّث معه عن بعض المبادئ الكتابية والعملية. ثم يلتزم بأن يصلِّي من أجله، وأن يكون متاحًا لأي أسئلة، وأن يتقابل معه من حين إلى آخر للتحدث حول ما تم إحرازه من تقدُّم.

 تحدُثُ التلمذة عندما تُسقِط أمٌّ، لديها طفلان حديثا المشي، شيئًا كانت قد استعارته من أخت أخرى بالكنيسة. فيتحدثن أثناء تبادل الكلمات والآراء، وتعبر الأم الشابة عن مشاعر التعب والفشل التي تشعر بها حتى ترتقي إلى معايير الأمومة التى تتصورها. وتستمع المرأة الأخرى لها، وتذكِّرها بكلمات الكتاب المقدس، وتصلي معها ثم تستمر فى التقرب منها لتشجيعها من خلال الإنجيل.

تحدُثُ التلمذة عندما يشير أبٌ إلى سيدةٍ غير محتشمةٍ ويخبر أبناءه المراهقين أن ما يرونه لا يمت بصِلةٍ إلى الجمال. ويشرح لهم ما هو الجمال وارتباطه بشخصية الله ومشيئته. ويستمر في إخبارهم عن الجمال الحقيقي الذي يُسر الله وإظهاره لهم والتأكيد عليه. (1بط 3: 3-4).

تحدُثُ التلمذة عندما يلاحظ أحد الإخوة أخًا آخر يبذل كل ما في وسعه من أجل وظيفته، لكنه يهمل أسرته وخدمته. فيقترب من أخيه ليذكِّره بالكنز الحقيقيّ والأبديّ، وبالمنظور الصحيح تجاه العمل.

تحدُثُ التلمذة عندما تكون إحدى الأمهات في الحديقة مع أطفالها، وفي لحظةٍ ما يصبح الأطفال جامحين وغير منضبطين، لكنها تقوِّمهم بصبر وبلطف وبأمانة. في حين تراقبها عيون كثيرة من حولها، إذ يثير هذا الموقف اهتمام المؤمنات وغير المؤمنات على حدٍّ سواء. وتبدأ الأحاديث وسريعًا ما يشير ثمر الروح إلى قيمة المسيح التي ليس لها مثيل.

تحدُثُ التلمذة عندما تقتطع أُمٌّ تعلِّم أولادَها بالمنزل من وقت فراغها حتى تذهب إلى المقهى نفسه راجيةً أن تبدأ صداقاتٍ جديدةً تفتح الأبواب لمشاركة الإنجيل.

تحدُثُ التلمذة عندما تشعر امرأةٌ عزباء بأخرى مُستاءة من كونها عزباء. فتستغل ذلك لتقترب منها لتشجعها بصلاح رسالة الإنجيل.

هذه مُجرَّد أحداثٍ يوميَّةٍ اعتياديَّةٍ اخترتها في حقيقة الأمر من الحياة العادية لأشخاص من عائلة كنيستنا؛ فهذا هو العمل المُعتاد الذي يدفع الكنيسة إلى الأمام نحو النضوج بينما يحميها من الانكسار الروحي. يقول الكتاب:

“بل عِظوا أنفُسَكُمْ كُلَّ يومٍ، ما دامَ الوقتُ يُدعَى اليومَ، لكَيْ لا يُقَسَّى أحَدٌ مِنكُمْ بغُرورِ الخَطيَّةِ. لأنَّنا قد صِرنا شُرَكاءَ المَسيحِ، إنْ تمَسَّكنا ببَداءَةِ الثِّقَةِ ثابِتَةً إلَى النِّهايَةِ” (عب 3: 13-14).

لا بدَّ أن تكون التلمذةُ ممارسةً مُعتادةً للمؤمنين. يمكنُكَ قولُ إن المسيحية أكثر من مُجرَّدِ تلمذةٍ، لكنَّها ليست أقلَّ من ذلك. كلُّ واحدٍ منَّا يعملُ كحارسٍ لأخيه، وهذا مذكورٌ في وصفنا الوظيفيّ.


هذه المقالة مُترجمة بالشراكة مع خدمة الحق يحرركم. قم بزيارة موقعهم الإلكتروني للمزيد من المصادر المُتمركزة حول الإنجيل.

المزيد المتعلق بـ : مقالات