القيادة الكنسيَّة

لا أحد يَجِد كنيسة أحلامه

مقالة
05.25.2022

في الأيام القليلة الماضية، كنت ملازمًا للفراش إلى حدٍّ كبير، وهذا نادرًا ما يحدُث، بما إني في السابعة والعشرين من العمر وفي تمام الصحة. ولكن لديَّ مشكلة في الغضروف المتآكل أسفل الظهر الذي كان يتهيج مرة كل فترة طويلة.

حسب ما تُعرف به الأمراض الجسدية، يُعتبر هذا المرض بسيطًا وهيِّنًا. إنه لا شيء مقارنةً بالسرطان الذي يواجهه أحد أعضاء كنيستي، أو الأحوال الصعبة التي يُكافحها أعضاء آخرون. ولكنه دمَّر خططي لهذا الأسبوع؛ اضطُررت إلى التغيُّب عن الدِّراسة، وتأجيل الاحتفال بعيد زواجي مع زوجتي ليومٍ آخر، كما كنتُ أستلقي في السرير طوال المساء بدلًا من اللعب مع أطفالي.

في كل هذا، كان الله يُعلمني دروسًا لم أكن أريد بالتحديد أن أتعلَّمها. إنه يُعلِّمني ألا أحوِّل مشاعر الإحباط إلى كلماتٍ قاسيةٍ تجاه زوجتي، وألا أقلق حيال إمكانية تطور هذه الحالة في العقود المُقبلة، ولأعرف تمامًا إلى أيّ مدى أنا مُعتمد عليه حقًّا.

لم أكن أُريد تعلُّم هذه الدروس خلال هذا الأسبوع، ولكن الله يعلم أني في حاجةٍ لتعلمها. أثق أنَّ هذا على الأقل أحد الأسباب التي من أجلها لم يُعطِني اللهُ الأسبوعَ الذي أردتُه.

أرى هنا درس للحياة في الكنيسة وأقولها صراحةً، لا أحد يجد الكنيسة التي يُريدها.

ربما لا تُحضِر قائمةً صغيرةً أو مُستنداتٍ مليئةً بالشروط والبنود عندما تأتي إلى الكنيسة، لكن جميعنا يأتي بقائمة رغبات. ربما تريد نوعًا مُعيَّنًا من الموسيقى، أو اختبارًا روحيًّا مُعيَّنًا في العبادة، وربما تُريد واعظًا يستطيع الغوص لعمق ميل في عددين من رسالة رومية. أو تُريد قادة ذوي كاريزما ومُنطلقين يستطيعون التواصل مع أيّ شخصٍ ويعرفون دائمًا ما يجب أن يقولوا.

أيًّا كان ما هو موجودًا في قائمة رغباتك، أستطيع أن أضمن لك هذا: ليس كل ما في قائمتك موجودًا في قائمة الله.

أعني في المقام الأول أن لديك آراءً تتخطَّى مشيئةَ الله المُعلَنة. كان أحد الوعاظ الذين أحترمهم جدًّا، يُعرَف بقولِه: “ليست لديَّ آراء، أنا لا أومن سوى بالكتاب المُقدس”. أحب هذه الروح، ولكنها تكاد تكون مُستحيلةً. دعني أسألك أسئلةً بسيطةً للتوضيح، هل تُفضِّل البرجر أم البيف بورجينيون؟ هل تفضل أن ترنِّم “في الصباح أتضرع” أم “ملك الملوك وجلالك”؟ على أيّ حال كان لديك رأيٌ، إنما ستواجه صعوبة لتُبرهِن لي هذا الرأي بإصحاح أو آية كتابية.

لكن هناك جانب آخر حيث لن تتطابق دائمًا قائمتك مع قائمة الله  فيما يخص الكنيسة: أعلن الله مشيئته للكنيسة في الكتاب المُقدس، ولكن لم تُحقِّق أي كنيسة هذه المشيئة بالتمام. فلا كنيسة ناضجة ومقدَّسة مثلما تدعوها كلمة الله أن تكون. فكل كنيسة هي عمل قيد التَقَدُّم ولم يكتمل بعد. أحيانًا أيضًا، حتى الأشواق الحسنة لتكون جزءًا من كنيسة ناضجة ومزدهرة قد تقودك لتصبح نافد الصبر مع الأمور غير الناضجة والصراعات في رعيَّة كنيستك.

أعلن الله ما يجب أن تكون عليه الكنائس وما يجب أن تفعله. يجب على الكنائس أن تُقاد بعددٍ من الرجال الأتقياء الذين يرعون القطيع ويعظون بالكلمة (1تيموثاوس 3: 1- 7؛ 2تيموثاوس 4: 1- 5). ماذا يجب عليك أن تفعل في كنيسة بدون “شيوخ” بصيغة الجمع؟ الإجابات لا حصر لها ومتنوعة مثل أيّ موقفٍ واقعيّ. لكن أحد الاختيارات المتاحة على الأرجح هو أن تجسِّد بعضًا من صبر الله تجاه شعبه غير الكامل.

إن كان الله يحتمل بصبر عدم نضج شعبه وفشلهم في اتِّباع تَعْليماته، بالتأكيد يمكنك ذلك. إذا كنت في موقعٍ مؤثِّرٍ، انشر هذا التأثير بتواضُع وحكمة. لكن مهما تفعل، لا تدَعْ رغباتك الحسنة بأن تُطيع كنيستُك الكتابَ المُقدَّس تتقسَّى إلى الإحباط أو المرارة.

لا أحد يجد الكنيسة التي يريدها، وهذا صحيحٌ. لدينا جميعًا آراء وتفضيلات وأحيانًا حتى قناعات لا تتوافق تمامًا مع أي اجتماع فعلي لشعب الله. يجب علينا جميعًا أن نقدم اهتمامات الآخرين على اهتماماتنا، ونضحي بما نريده من أجل ما يحتاجه الجسد كاملًا.

في بعض الأحيان، تكون هذه هي تمام الغاية من الحياة داخل الكنيسة؛ فقد جعلنا اللهُ أعضاء في الجسد لكي نتعلَّم أن نعتني بالجسد (1كورنثوس 12: 12- 27). جعلنا الله شركاء في العمل بتقديم رسالة الإنجيل لكي نبرز الإنجيل بتقديم الآخرين على أنفسنا (فيلبي 2: 3، 4). تخلَّى المسيحُ عن حقوقه ليخدمنا، وهذا هو ما تفعله في كل مرةٍ تُضحي بتفضيلٍ شخصيّ لتعزِّز نموَّ الجسد.

إن تقديم الآخرين مكلفٌ. في ثقافةٍ مُشبَعَةٍ بالنزعة الاستهلاكيَّة، وفي مُدنٍ متاح لك الاختيار بين الكثير من الكنائس، عادةً ما يكون آخر شيء نريد القيام به هو التضحية بأولويَّاتنا وتفضيلاتنا. لكن هذا على وجه التحديد ما يدعونا الإنجيل لعمله.

لنفترض أن كنيستك ترنِّم ترنيمةً لا تحبُّها فعلًا؛ فالكلمات المُستَخدَمة مُتعَارَفٌ عليها وقويمةٌ، لكنَّك يعبس وجهك تهكُّمًا على اللحن والنغمة. وبدلًا من الابتسامة الصامتة المُتكلِّفة خلال الترنيمة، تأمَّل بها ورنِّمْها بصوتٍ أعلى. من المحتمل أن عضو آخر من كنيستك يحبُّها، لذلك شجِّع هذا العضو، أيًّا من يكون، بمخاطبته بهذه الترنيمة أو الأغنية الروحية (كولوسي 3: 16، 17).

تعوَّد أن تصرف ذهنك عن اهتماماتك وتفضيلاتك حتى تستطيع أن تنتهز فرصة ما هو في صالح الجسد كله. درب قلبك وفكرك ولسانك ويديك أن تجري في طرائق الإنجيل بالتخلي عن أشياء لكي يربح الآخرين.

ربما لم يعطِك الله الكنيسة التي تريدها، لكنه أكثر من قادر أن يعطيك الكنيسة التي تحتاجها. لذلك انظر حولك. ربما يكون قد أعطاك إياها بالفعل.


هذه المقالة مُترجمة بالشراكة مع خدمة الحق يحرركم. قم بزيارة موقعهم الإلكتروني للمزيد من المصادر المُتمركزة حول الإنجيل.

المزيد المتعلق بـ : مقالات