القيادة الكنسيَّة

كيف تغيِّر كنيستك

مقالة
11.27.2022

يسألني القسوس كثيرًا، “كيف يمكننا تغيير كنائسنا؟” لقد تسبَّب عدد كبير جدًّا من الخدَّام في نفور شعب كنائسهم في أثناء محاولتهم لإحداث التغيير. حتَّى تمَّ فصل البعض منهم.

ومع ذلك، فإنَّنا كرعاة، يجب أن نقود كنائسنا إلى التغيير، على الرغم من أنَّ هذا التغيير غالبًا ما يكون صعبًا. وإليك بعض الاقتراحات بشأن كيفيَّة إحداث التغيير: علِّم واِبقَ وأَحِبَّ.

علِّم لكي تُغيِّر

أوَّلاً، يجب أن تأتي أفكارنا بخصوص كنائسنا من الكتاب المقدَّس. وهذا يجعل المنبر أقوى أداة لتغيير الكنيسة. إنَّ الوعظ التفسيريَّ المنتظم بالكتاب المقدَّس هو الطريقة التي عادةً ما يعمل بها روح الله في قلوب البشر.

صلِّ أن يُعلِّم الله كنيستك، من خلال وعظك، كيف يجب أن تتغيَّر. إنَّه أمر مدهش أنَّنا نحن القسوس غالبًا ما نرغب في إصلاح المشكلات قبل أن نأخذ بعض الوقت لشرح تلك المشكلات!

يحاول عدد كبير جدًّا من القسوس فرض التغيير في كنيستهم –غالبًا محتمين في كونهم قادة– في الوقت الذي يجب عليهم فيه محاولة شرح الأمور للكنيسة. أيُّها الإخوة، يجب علينا أن نُطعِم الخراف التي أوكلها الله لنا لكي نرعاها لا أن نضربهم. علِّمهم.

حتَّى لو كان التغيير الذي تتخيَّله صحيحًا، فلا يزال يوجد سؤال بخصوص ما إذا كان الوقت مناسبًا له. فكوننا على حقٍّ ليس ترخيصًا للعمل الفوريِّ، وهذا ما يقودني إلى نقطتي الثانية.

اِبقَ لكي تُغيِّر

بدأت فكرة الالتزام بمكان واحد تتلاشى في العمل وفي المنزل. إنَّ نموذج الأجيال الشابَّة ليس نموذج السلُّم التدريجي المؤسَّس، حسب مسارات محدَّدة، ولكنَّه بالأحرى نموذج فسيفساء الشبكة العالميَّة، مع بدائل وخيارات تبدو منتشرة إلى ما لا نهاية. ويتمُّ تعليمنا أن نُقدِّر الخبرات المتنوِّعة، وأن نفهم أنَّ كلَّ واحدة منها تثري الأخرى.

ونحن القسوس نحتاج إلى وضع نموذج مختلف في كنائسنا. نحتاج أن نعلِّمهم أنَّ الالتزام أمر جيِّد، سواء كان ذلك لزيجاتنا وعائلاتنا، أو لأصدقائنا وإيماننا، أو لكنيستنا وجيراننا. وفي ضوء هذه الالتزامات طويلة المدى (لا تفكِّر بالأشهُر بل بالعقود) يمكننا أن نساعد كنائسنا في العثور على أولويَّاتها الصحيحة.

بصفتك قسًّا، فإنَّ قوَّتك العظمى التي تساعدك فى تغيير رعيَّتك لا تأتي من خلال شخصيَّتك القويَّة، ولكن من خلال سنوات من التعليم المُخلِص والصبور. إنَّ التغييرات التي لا تحدث هذا العام قد تأتي في العام المقبل، أو بعد عشر سنوات.

ولكي تحقِّق هذه الغاية، اختر معاركك بحكمة. واختر بعناية التغيير المطلوب لتعطيه الأولويَّة على التغييرات الأخرى. أيٌّ من التغييرات المطلوبة تحتاجه الآن بصورة أكبر؟ وما هي التغيرات التي يمكن أن تنتظر؟ بشكل عامٍّ، يحتاج القسوس إلى تعلُّم كيفيَّة التفكير بطريقة ناضجة وبعيدة المدى.

إنَّ الفترة الطويلة التي يقضيها القسُّ في الرعاية تساعده أيضًا. فهي تحميه من أن يأتي بمجموعة من الحِيَل والمهام، فيفعلها لمدَّة عامين أو ثلاثة، ثمَّ يغادر الكنيسة. فبشكل عامٍّ، كلَّما طالت مدَّة بقائنا، يتوجَّب علينا أن نصبح حقيقيِّين أكثر؛ وهذا أمر جيِّد لأرواحنا ولأولئك الذين نخدمهم.

إنَّ مفتاح التغيير هو البقاء في كنيسة واحدة لفترة كافية لتعليم الرعيَّة. فإن كنت لا تخطِّط للبقاء، فكن حذرًا قبل البدء في شيء يجب على مَن يليك أن ينهيه. لا تدع الرعيَّة تصير قاسية ضدَّك أو ضدَّ من يأتي بعدك، أو حتَّى ضدَّ التغيير نفسه.

عندما كنت طالب لاهوت شابًّا، اتَّخذتُ ثلاثة من رجال الدين الإنجليكانيِّين من كامبردج كقدوة لي. كان لديهم جميعًا خدمات كبيرة في مواقع رئيسيَّة وكانت تمتدُّ لسنوات عديدة -ريتشارد سيبس (في كامبريدج ولندن لمدَّة 30 عامًا)، تشارلز سيميون (في كامبريدج لأكثر من 50 عامًا)، وجون ستوت (في لندن لأكثر من 50 عامًا). وبنعمة الله، بنى هؤلاء الرجال الثلاثة الكنائس التي خدموها، وأثَّروا في أجيال الخدَّام الصاعدين بأمانتهم طويلة الأمد.

أَحِبَّ لكي تُغيِّر

لكي ترغب في التغييرات الصحيحة، ولكي تُعلِّم بها، ولكي تبقى لفترة كافية، يجب أن تحبَّ. يجب أن تحبَّ الربَّ، ويجب أن تحبَّ الناس الذين أوكلهم إليك.

قال إكليمندس الرومانيُّ: “يسكن المسيح في بسطاء القلب، وليس في من يرفعون أنفسهم فوق قطيعه”. فمن المحبَّة تأتي الرعاية الصبورة التي توجِّه الرعيَّة مرارًا وتكرارًا إلى كلمة الله.

لم يكن جوناثان إدواردز قسًّا أقلَّ أمانةً لأنَّ رعيَّته رفضته. فالبعض منَّا لديهم فترة رعاية أقصر وأكثر أمانة. لكنَّ هذا ليس هدفي هنا. فبهذه المقالة القصيرة، حاولت ببساطة أن أثير في ذهنك بعض الأفكار بشأن كيف يمكنك -من خلال التعليم والبقاء والمحبَّة- قيادة جماعتك في التغيير الكتابيِّ.

المزيد المتعلق بـ : مقالات