الكرازة والإنجيل

توصية وتحذير حول مركزيَّة الكتاب المُقدَّس في حياتنا

مقالة
05.25.2022

كيف تعيش في أبعاد أرحب، دون أن تبتعد عن الثبات في الكتاب المُقدَّس؟ لكن على الجانب الآخر، إذا كان وجود الكتاب المُقدَّس في حياتنا بالغ الأهمية لهذه الدرجة، فهل سنحتاج لنعيش في أبعاد أخرى بأي حال من الأحوال؟

هذان سؤالان من ضمن الأسئلة التي تطرحها حركة مركزية الإنجيل المسموعة بشكل متزايد بين شعب الكنيسة.

لقد نظرت في أحد الاعتراضات المتوقعة على هذه الحركة، وفي هذا المقال سأتناول هذين السؤالين: أحدهما يُقدِّم توصيَّة والآخر يُقدِّم تحذيرًا.

أولًا، يجب أن أقول، أن تركيز المؤمنين المتزايد على الإنجيل هو توَّجه رائع، وهذه الأصوات الكثيرة مُحقَّة في أن تخبرنا بأن الإنجيل هو مركز التقديس، والدلائل تظهر حتميَّة ألاَّ نتجاوز الإنجيل بل نتعمق فيه أكثر، هذه كلها حجج كتابية عميقة.

توَّجهان متعارضان: التمسُّك الشديد أو التقليل:

قد يقول أحدهم: إذا كان وجود الكتاب المُقدَّس في حياتنا بالغ الأهمية لهذه الدرجة، فهل سنحتاج لنعيش في أبعاد أخرى بأي حال من الأحوال؟

الإنجيليون متمسِّكون للغاية بجوهر الإنجيل. وللعديد من الأسباب المرتبطة بظروف تاريخية، نود أن نختصر الأشياء إلى الحد الأدنى الذي يمهِّد الطريق حتى نواصل الحياة. كما اسمع كثيرًا هناك عبارة تقول بأننا نميل إلى امتلاك سرعتين، سرعة أساسية وأخرى غير مهمة.

أحد مخاطر هذه الحركة الجديدة هو، أنه إذا احتل الكتاب المُقدَّس التصنيف “الأساسي” -ويجب أن يكون كذلك! -حينها سنرسل كل شيء آخر إلى سلة المهملات “غير المهمة”.

من حين لآخر، سأسمع تلميحات صغيرة عن هذا في شكل تحذيرات بعدم ترك أي شيء يخفي أو يحجب أو يُهمِّش الإنجيل في حياتنا وكنائسنا، وهذه التحذيرات ضرورية ومعقولة، لكن إذا لم نترك مسافة ثالثة بين “الأساسي” و”غير المهم”، فإن الإنجيل نفسه سيكون في خطر، لا يمكنك الحفاظ على الإنجيل بمجرد التركيز فقط على الإنجيل، يوجد في الكتاب المُقدَّس كل أنواع العقائد والممارسات التي وهبها الله، وهي ضرورية لتحقيق هذه الغاية، ونحن نتجاهلها لتشكل خطرًا علينا.

على سبيل المثال، عقيدة الثالوث لا تنفصل عن الإنجيل، يقوم كل أقنوم من الآب والابن والروح بدور مميز في الخلاص، وهذا يعني أن أي تحريف للثالوث هو تحريف للإنجيل أيضًا.

مثال آخر: تقدُم مصداقية الكتب المُقدَّسة أساسًا ثابتًا لمعرفتنا بالإنجيل، ثقتنا بالمسيح مؤسسة على صدق كلمة الله وأمانتها.

من ممارسات الحماية بحسب الإنجيل، لنأخذ في الاعتبار عضوية الكنيسة والتأديب الكنسي، فبحسب جوناثان ليمان:  “فإن عضوية الكنيسة تُظهر للعالم من الذي يمثِّل يسوع، والتأديب الكنسي يحمي اسم يسوع”.

تمثل عضوية الكنيسة جسد المسيح الذي يضم كل الأشخاص الذين ينتمون إلى الإنجيل، إنها تُظهر للعالم، “هذا هو شعب الإنجيل، هؤلاء هم الناس الجُدد الذين يخلقهم الإنجيل”.

بالإضافة لذلك، كما قال أحدهم: “التأديب الكنسي هو  تفعيل لكلمة الإنجيل”، في المسيح لا يتركنا الله في خطايانا، ولذلك لا ينبغي أن نترك نحن إخوتنا في الكنيسة في خطاياهم، عوضًا عن ذلك، يجب أن نهتم بهم، ونوبخهم بمحبة، ونحن نعلن عن مغفرة المسيح المجانية للخطايا.

هذه العقائد والممارسات، إلى جانب العديد من الممارسات الأخرى، ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالإنجيل، كارتباط العضو بالجسد، لا يمكننا إهمالها دون أن تضرّْ فهمنا للإنجيل والشهادة له.

لذا، تحذيري هو: لا تدع تمسُّكك بمركزية الإنجيل يتحول لأصولية، ربما تؤدي إلى اختزال الإنجيل! نعم، اجعل الإنجيل محور حياتك وحياة كنيستك، لكن لا تجعل الأمر يبدو وكأن التركيز على النص هو الشيء الوحيد المهم من دون الأمور الأخرى.

حاول ربط كل الأمور بالكتاب المُقدَّس

ننتقل إلى السؤال الأول: كيف تعيش في أبعاد أرحب، دون أن تبتعد عن الثبات في الكتاب المُقدَّس؟ بمعنى آخر، كيف نُكرز بهذه الأمور ونمارسها دون أن نترك الإنجيل وراء ظهورنا؟

إليكم نصيحتي: نقوم بذلك عن طريق الربط المستمر بين الإنجيل وعقيدتنا وممارستنا.

لقد قمنا بذلك بالفعل في هذه المقالة، حيث ربطنا الثالوث، وسلطة الكتاب، وعضوية الكنيسة، والتأديب الكنسي جميعهم بالإنجيل. ويمكننا عمل ذلك مع العشرات من العقائد والممارسات الهامة الأخرى.

الطريق المطروح أمام قائد الكنيسة للذهاب في أبعاد أرحب دون الابتعاد عن الثبات في الكتاب المُقدَّس، هو جعل هذا الرابط صريحًا في الوعظ والتعليم، التركيز على الأمور الأخرى دون فقدان تركيزنا على الإنجيل يحدث من خلال تتبع علاقة هذه الأمور بالإنجيل.

لذا علِّم عن شيوخ الكنيسة والأبوة وعلِّم عن الأخرويات والشركة والمعمودية.. وما إلى ذلك في نور الإنجيل، وبطريقة توضح كيفية ارتباط كل هذه الأمور بالإنجيل، بهذه الطريقة لن يكون هناك تنافس بين العقائد والممارسات الأخرى مع الإنجيل. عوضًا عن ذلك، سيرتبط كل الأعضاء بالجسد (أي الإنجيل).

لا تدع تمسُّكك بمركزية الإنجيل يصبح اختزالًا للإنجيل، عوضًا عن ذلك، اربط كل الأمور بالإنجيل، بما في ذلك بنيان الكنيسة وحياة جماعة الإيمان في الكنيسة المحلية.


هذه المقالة مُترجمة بالشراكة مع خدمة ذهن جديد. قم بزيارة موقعهم الإلكتروني للمزيد من المصادر المُتمركزة حول الإنجيل.

المزيد المتعلق بـ : مقالات